قصص نجاح
قصة طالب جامعي يسافر لأول مرة خارج فلسطين ليجد نفسه في بطولة عالمية في واشنطن!
لقد كان شعورا عظيما عندما انفجرت القاعة بالتصفيق عندما دخل فريقنا رافعا علم فلسطين عاليا. كم شعرت بالفخر بأني فلسطيني!
أنا الطالب أنس النتشة، طالب حقوق في جامعة الخليل في السنة الرابعة. خلال زيارتي إلى العاصمة الأمريكية واشنطن نهاية شهر آذار وبداية شهر نيسان 2016، وهي التجربة الأولى بالنسبة لي خارج الوطن، من أجل المشاركة بأهم وأكبر مسابقة قانونية في القانون الدولي على مستوى العالم (جيسوب للمحاكمة الصورية) والتي شارك فيها فرق من أكثر من 90 دولة. كانت تجربة رائعة للغاية عندما قمنا، باسم فلسطين، بمواجهة عدة فرق من جامعات عالمية مختلفة. تبادلنا الخبرات والمهارات والتجارب. استفدنا من أداء المشاركين الذي كان يجسد وبكل حق المعنى الكامل للعبقرية والذكاء والإتقان والاجتهاد؛ بالإضافة إلى التعرف وتكوين الصداقات مع نخبة طلاب القانون في العالم، الذين سيكونون أعظم قانونين ومحامين في المستقبل، يعملون من أجل تحقيق السلام والعدالة والرفاهية للإنسانية.
بدأ فريق جامعة الخليل بالتحضير لهذه المسابقة من بداية الفصل الدراسي الأول 2015. كانت فائدة هذه المسابقة بالنسبة لي تضاهي فائدة عشرين مساق تقليدي درسته في الجامعة. فتطورت لدي مهارات البحث القانوني بشكل ملحوظ، وأصبحت لديْ القدرة على تحليل النصوص والمبادئ القانونية وربطها بالواقع، والاستنتاج المنطقي، وازداد رصيدي المعرفي في المجال القانوني وباللغة الإنجليزية، واكتسبت مهارات المرافعة من خلال الوقوف والتحدث أمام القضاء وزيادة الثقة بالنفس، وتكونت لدي خبرة عملية قبل الانتقال إلى المحاكمات الواقعية.
كانت طبيعة المسابقة ممتعة جداً لدرجة الاندماج الكلي. احتوت القضية القانونية على إشكاليات متشعبة تثير الفضول المعرفي والرغبة بالاكتشاف. كانت على عكس مناهج التدريس التقليدية التي هي تعذيب عقلي. عندما يتم الاعتماد على الحفظ والتلقين في نظام التدريس، فهو استنزاف لطاقاتنا الفكرية والإبداعية وانتقاص من احترامنا كبشر نفهم ونحلل ونقارن ونناقش.
قمنا بزيارة مجموعة من الأماكن في واشنطن دي سي. فذهبنا إلى البيت الأبيض، والكونجرس الأمريكي، والمحكمة العليا في أمريكا. التقينا بأعضاء هذه المحكمة، وحضرنا عدة جلسات في المحكمة الجنائية. تعرفنا على النظام القانوني الأمريكي وإجراءات المحاكم. زرنا جامعة جورج تاون، والمفوضية الفلسطينية في واشنطن. توجهنا إلى وزارة الخارجية الأمريكية، والتقينا بأحد السفراء وتبادلنا النقاش حول سيادة القانون في العالم، وخصوصاً في الشرق الأوسط.
خلال زيارتنا تعرفنا على الثقافة الأمريكية والشعب الأمريكي الرائع. في واشنطن يوجد النظام والحرية والهدوء. كان الناس بمنتهى اللطف والأدب والأخلاق والرقي. فعندما كنا نتجول في شوارع واشنطن ذات صباح كان الناس يرحبون بنا ويلقون علينا التحيات كصباح الخير ومرحباً ونهار سعيد.
وبالرغم من أن الزيارة كانت ذات طابع رسمي وعملي وتعليمي، لكنها لم تخلو من أجواء الفرح والبهجة والتنزه. فتم تنظيم حفلة مميزة من نوعها كانت من أجمل الحفلات التي حضرتها. قام الطلاب المشاركين فيها بارتداء الثياب الثقافية والتاريخية التي تمثل دولهم وشعوبهم، مما أدى إلى خلق ألفه ومحبة مع بعضنا البعض. قمنا بزيارة الحدائق والمتاحف والمنتزهات والمطاعم ومراكز الأسواق.
ما أريد أن أقوله لإدارة الكلية ولإدارة الجامعات الفلسطينية أني أتمنى المزيد من الاهتمام والتركيز على مثل هذه النشاطات من خلال تخصيص المزيد من الساعات الدراسية للجانب العملي وتوفير المدربين والمشرفين لهذه النشاطات؛ لأنها تحقق فائدة كبيرة لدى الطلبة.
أشكر كل من ساهم وتعاون من أجل تنظيم هذه اللقاء المثير للإعجاب. أخص بالذكر الدكتور معتز قفيشة، عميد كلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة الخليل، الذي عمل كل ما بوسعه من أجل تطوير أداء طلبة القانون من خلال تشجيع الطلاب ومساعدتهم على الانخراط في نشاطات قانونية متنوعة والتعرف على العالم من خلال تنظيم الزيارات العلمية وجلب الخبراء العالميين إلى جامعتنا. كما أشكر مدرب الفريق والمدرس في الكلية الأستاذ بلال فنون، الذي سهر من أجل تدريبنا وفوزنا على كل الجامعات الفلسطينية المنافسة. وشكر خاص للمحامية الأمريكية من أصل إيراني بهار الحسيني التي عملت معنا بشكل مباشر في مشروع سيادة القانون، ودعمت الفريق معنوية وعملياً وكانت سيدة في غاية اللطف والجدية في آن.