مدار هذا البحث حول جدل المعنى بين الشّاعر والقارئ، في كتاب أبي العلاء المعريّ( زجر النّابح)، وينطلق من فرضيّة مؤدّاها: إنَّ المعنى الجدليَّ لا يمكن تحديده من وجهة نظر واحدة، كأن نقول: إنَّ القارئ أقدر على تحديد معنى النَّصّ من منشئه، أو إنَّ الشّاعر أقدر على بيان معنى النَّصِّ من ناقده؛ فهذا حكم لا نصل إليه إلا بالنَّظر المحايد في نتاج الطَّرفين؛ ويناقش البحث هذه الفرضية في محورين: يقدم في أحدهما بيانًا نظريًّا عامًّا لمعنى القارئ ومعنى الشّاعر، ثمَّ يجري الكلام على كتاب زجر النّابح، ويقسِّم نصوصه إلى ثلاثة أقسام: قسم لا يحتمله الشَّكُّ في معانيه، وقسم يحتمله الشَّكُّ الظّاهريّ، وقسم مشكل يحتمله الشَّكُّ ويحتاج إلى التّأويل الدَّقيق، ويدرس هذه الأقسام الثَّلاثة درسًا تحليليًّا؛ ويخلص البحث إلى نتائج عدَّة، منها: أثبت أبو العلاء أنَّ قارئه لم يملك الأدوات النَّقديّة الصَّحيحة القادرة على قراءة النُّصوص والحكم عليها، وظهر ذلك بجلاء عندما تناول نصوصًا لا يحتملها الشَّكُّ، أو يتخلَّلها شكٌّ ظاهريٌّ يمكن أن ينجلي بالقراءة الدَّقيقة، كما لم يستطع أن يواجه النُّصوص المشكلة مواجهة النّاقد المتمرِّس، واكتفى بإلقاء الأحكام الجاهزة عليها.